إعدامات وقمع.. الأمم المتحدة: إيران تواجه اتهامات جسيمة بانتهاكات حقوق الإنسان

خلال الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان

إعدامات وقمع.. الأمم المتحدة: إيران تواجه اتهامات جسيمة بانتهاكات حقوق الإنسان
مظاهرة في إيران - أرشيف

كشف تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش حول حالة حقوق الإنسان في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عن سلسلة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال النصف الثاني من عام 2024، من بينها استخدام واسع لعقوبة الإعدام، والتعذيب، والتمييز ضد النساء والأقليات، في ظل استمرار القمع الأمني منذ احتجاجات 2022. 

وأوضح التقرير المقدم إلى الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة المنعقدة حتى 9  يوليو الجاري، واطلع «جسور بوست»، على نسخة منه، بشاعة الانتهاكات المرتكبة بحق النساء والمعارضين السياسيين.

وسجل عام 2024 أعلى معدل تنفيذ للإعدامات في إيران منذ عقد تقريبًا، بإجمالي لا يقل عن 975 حالة، 52% منها مرتبطة بجرائم مخدرات، و43% بجرائم قتل، ونسب أقل لجرائم جنسية أو أمنية. وأوضح التقرير أن أربع عمليات إعدام نُفذت علناً، فيما استخدمت اعترافات قسرية دليلَ إدانة، ما يمثل انتهاكاً لمعايير المحاكمة العادلة. كما أشار إلى تنفيذ أحكام بالإعدام بحق نساء أدينّ بقتل أزواجهن في سياقات عنف أسري، دون الأخذ بعين الاعتبار خلفية الانتهاكات التي تعرضن لها.

وتطرق التقرير إلى استمرار تنفيذ الإعدامات على خلفية احتجاجات «المرأة، الحياة، الحرية»، التي اندلعت بعد مقتل مهسا أميني. وأشار إلى إعدام غلام رضا رسائي في أغسطس 2024 دون إبلاغ محاميه أو عائلته، في خرق فاضح لحقوق المتهم. كما نُفذت إعدامات بحق معارضين أكراد، من بينهم باخشان عزيزي وفاريشه مرادي، في ظل تقارير عن تعرضهم للتعذيب والاحتجاز الانفرادي لفترات مطولة دون تمكينهم من الدفاع عن أنفسهم.

ووثق التقرير تنفيذ ما لا يقل عن 108 إعدامات بحق سجناء من البلوش، و84 من الأكراد، و72 من الأفغان، غالبيتهم على خلفية جرائم مخدرات، مشيرا إلى محدودية الوصول إلى المحاماة والضمانات القانونية لتلك الفئات. كما أشار إلى تفشي التعذيب والمعاملة القاسية في أماكن الاحتجاز، مثل حادثة تعذيب الشاب محمد مير موسوي، الذي توفي في الحجز بعد تعرضه للضرب المبرح.

ورغم تخفيف القيود على بعض التطبيقات مثل «واتساب»، فإن الرقابة مستمرة، بحسب التقرير، مع استمرار حجب منصات أخرى واعتقال صحفيين، منهم 40 صحفية بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي أو تغطية قضايا النساء. ولفت التقرير إلى اعتقال صحفيين أجانب، منهم الإيطالية تشيشليا سالا، بتهم الإخلال بالنظام العام، كما سلط الضوء على محاكمات قاسية ضد صحفيين وناشطين مزدوجي الجنسية.

وأشار التقرير إلى تقدم نسبي في التمثيل السياسي للنساء، لكنه نبه في المقابل إلى مخاطر جمة جراء تفعيل قانون «الحشمة والحجاب» المؤجل، والذي يتضمن عقوبات جسيمة، قد تصل إلى الإعدام، لمن يتحدين القواعد المفروضة. كما تم توثيق حالات انتحار لفتيات مراهقات نتيجة العقوبات المدرسية بسبب عدم ارتداء الحجاب، وسُجلت زيادة لافتة في جرائم قتل النساء بدوافع الشرف، فيما لا تزال ظاهرة زواج القاصرات منتشرة، وسط غياب أي بيانات رسمية منذ منتصف 2024.

وتناول التقرير بقلق حادثتي وفاة 70 مريضاً بغسيل الكلى إثر استخدام محاليل ملوثة، وإصابة أكثر من 100 مريض بالثالاسيميا بفيروس التهاب الكبد C نتيجة لنقل دم ملوث. كما أشار إلى نقص حاد في 300 نوع من الأدوية، محذراً من أن العقوبات الاقتصادية وتقصير الدولة معا يقفان خلف هذه الأزمة الصحية، خاصة في المناطق المهمشة مثل سيستان وبلوشستان.

وشمل التقرير أحكاماً بالسجن ضد نساء بهائيات بسبب تنظيمهن أنشطة مجتمعية، واعتقالات جماعية لمسيحيين أثناء احتفالات عيد الميلاد، وقيود مشددة على المسلمين السنة في ممارسة شعائرهم. وجرى توثيق محاكمات قاسية ضد نشطاء من الأقليات الأذرية والعربية، بتهم تتعلق بالأمن القومي لمجرد نشاطهم الثقافي السلمي.

وأكد التقرير أن عائلات ضحايا احتجاجات 2019 و2022 ما تزال عرضة للملاحقة القضائية، حيث صدرت أحكام بالسجن ضد أمهات الضحايا بتهمة «الدعاية ضد النظام». كما أُدين ناشطون ضد الإعدام مثل أحمد رضا حائري، وكذلك محامون مدافعون عن معتقلين سياسيين، بعقوبات مغلظة.

دعا التقرير حكومة إيران إلى وقف الإعدامات فورا، خاصة في قضايا المخدرات والاحتجاجات، وإلغاء عقوبة الإعدام تدريجياً، والإفراج عن معتقلي الرأي، وضمان المحاكمة العادلة، وإنهاء التمييز ضد النساء والأقليات. كما أوصى بالانضمام إلى اتفاقيات حقوق الإنسان غير الموقعة، وتحقيق شفاف في الانتهاكات الجسيمة، وتعزيز التعاون مع الأمم المتحدة.

واختتم التقرير بالتأكيد على أن إصلاح وضع حقوق الإنسان في إيران يتطلب التزاماً سياسياً جاداً، وإعادة النظر في المنظومة القانونية والسياسية بما يضمن احترام الكرامة الإنسانية دون تمييز.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية